كيف نصنع من الطفل رجلا؟
جمع وترتيب أبو مسلم وليدبرجاس
كيف ننمي عوامل الرّجولة في شخصياتأطفالنا؟
أولا: الـتـكـنـيـة
أكنيه حين أناديه لأكرمه** ولا أناديهبالسوءة اللقب
مناداة الصغيربأبيفلانأو الصغيرةبأمّ فلانينمّي الإحساسبالمسئولية، ويُشعر الطّفل بأنّه أكبر من سنّه فيزداد نضجه، ويرتقي بشعوره عن مستوىالطفولة المعتاد، ويحسّ بمشابهته للكبار.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلميكنّي الصّغار؛
فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنهقَالَ:
"كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا،وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ – قَالَ: أَحسبُهُ فَطِيمًا –
وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَالنُّغَيْرُ؟! }
(طائر صغير كان يلعب به) [رواه البخاري: 5735].
وعَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍقالت:
"أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بثِيَابٍ فِيهَاخَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ صَغِيرَةٌ ( الخميصة ثوب من حرير ) فَقَالَ: مَنْ تَرَوْنَأَنْ نَكْسُوَ هَذِهِ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ، قَالَ: ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ.
فَأُتِيَ بِهَا تُحْمَلُ ( وفيه إشارة إلى صغر سنّها)
فَأَخَذَ الْخَمِيصَةَ بِيَدِهِ فَأَلْبَسَهَا وَقَالَ: أَبْلِي وَأَخْلِقِي، وَكَانَ فِيهَا عَلَمٌ أَخْضَرُ أَوْ أَصْفَرُ فَقَالَ: يَاأُمَّ خَالِدٍ، هَذَا سَنَاه، وَسَنَاه بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنٌ } [رواه البخاري: 5375].
وفي رواية للبخاري أيضاً:
" فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَلَمِالْخَمِيصَةِ وَيُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَيَّ وَيَقُولُ: يَا أُمَّ خَالِدٍ، هَذَاسَنَا، وَالسَّنَا بِلِسَانِ الْحَبَشِيَّةِ الْحَسَنُ }
ثانيا: أخذه للمجامع العامة وإجلاسه مع الكبار
وهذامما يلقّح فهمه ويزيد في عقله، ويحمله على محاكاة الكبار،ويرفعه عنالاستغراق في اللهو واللعب، وكذا كان الصحابة يصحبون أولادهم إلى مجلس النبي صلىالله عليه وسلم ومن القصص في ذلك: ما جاء عن مُعَاوِيَةَ بن قُرَّة عَنْ أَبِيهِقَالَ: **
كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلمإِذَا جَلَسَيَجْلِسُ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَفِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌيَأْتِيهِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ فَيُقْعِدُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ.. الحديث } [رواهالنسائي وصححه الألباني في أحكام الجنائز].
ثالثا: تحديثهمعن بطولات السابقين واللاحقين والمعارك ا لإسلامية وانتصاراتالمسلمين
لتعظم الشجاعة في نفوسهم،وهي من أهم صفات الرجولة.
وكانللزبير بن العوامرضي الله عنه طفلانأشهد أحدهما بعضَ المعارك، وكان الآخر يلعب بآثار الجروح القديمة في كتفأبيه
كماجاءت الرواية عن عروة بن الزبير
أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوالِلزُّبَيْرِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ: أَلا تَشُدُّ فَنَشُدَّ مَعَكَ؟ فَقَالَ: إِنِّيإِنْ شَدَدْتُ كَذَبْتُمْ.
فَقَالُوا: لا نَفْعَلُ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ ( أي علىالروم ) حَتَّى شَقَّ صُفُوفَهُمْ فَجَاوَزَهُمْ وَمَامَعَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ رَجَعَ مُقْبِلاً فَأَخَذُوا ( أي الروم ) بِلِجَامِهِ ( أيلجام الفرس ) فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْر.
قَالَ عُرْوَةُ:
كُنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِي فِيتِلْكَ الضَّرَبَاتِ أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ. قَالَ عُرْوَةُ: وَكَانَ مَعَهُعَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَفَحَمَلَهُ عَلَى فَرَسٍ وَوَكَّلَ بِهِ رَجُلاً } [رواه البخاري: 3678].
قال ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث:
وكأنالزبير آنس من ولده عبد الله شجاعة وفروسية فأركبه الفرس وخشي عليه أن يهجم بتلكالفرس على ما لا يطيقه، فجعل معه رجلاً ليأمن عليه من كيد العدو إذا اشتغل هو عنهبالقتال.
وروى ابن المباركفي الجهاد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبدالله بن الزبير
"أنه كان مع أبيهيوم اليرموك , فلما انهزم المشركون حمل فجعل يجهز على جرحاهم" وقوله: " يُجهز " أييُكمل قتل من وجده مجروحاً, وهذا مما يدل على قوة قلبه وشجاعته من صغره.
رابعا: إعطاء الصغير قدره وقيمته في المجالس
عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:
"أُتِيَ النَّبِيُّصلىالله عليه وسلمبِقَدَحٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِغُلامٌأَصْغَرُ الْقَوْمِ وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارهِفَقَالَ: يَا غُلامُ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأشْيَاخَ؟قَالَ:
مَا كُنْتُ لأوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِفَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ }
خامسا: تعليمهم الرياضاتالرجولية
كالرماية والسباحة وركوب الخيل
وجاء عَنْ أَبِيأُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ:
"كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِأَنْ عَلِّمُوا غِلْمَانَكُمْ الْعَوْمَ } [رواه الإمام أحمد في أولمسند عمر بن الخطاب].
سادسا: تجنيبه أسباب الميوعةوالتخنث
فيمنعه وليّه من رقص كرقص النساء، وتمايل كتمايلهن، ومشطة كمشطتهن،ويمنعه من لبس الحرير والذّهب.
وقال مالك رحمهالله:
"وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ يَلْبَسَ الْغِلْمَانُ شَيْئًا مِنْالذَّهَبِ لأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلىالله عليه وسلم نَهَى عَنْتَخَتُّمِ الذَّهَبِ، فَأَنَا أَكْرَهُهُ لِلرِّجَالِ الْكَبِيرِ مِنْهُمْوَالصَّغِيرِ" [موطأ مالك].
سابعا: إشعاره بأهميته
وتجنب إهانته خاصة أمامالآخرين
ويكون بأمور مثل:
(1) إلقاء السّلام عليه،
وقد جاء عَنْ أَنَسِ بْنِمَالِكٍ رضي الله عنه
"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّعَلَى غِلْمَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ } [رواه مسلم: 4031].
(2) استشارته وأخذ رأيه.
(3) توليته مسئوليات تناسب سنّهوقدراته
(4) استكتامه الأسرار.
عن أَنَسٍ قَالَ:
"أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلموَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ
قَالَ: فَسَلَّمَعَلَيْنَا فَبَعَثَنِي إِلَى حَاجَةٍفَأَبْطَأْتُعَلَى أُمِّي،
فَلَمَّا جِئْتُقَالَتْ: مَا حَبَسَكَ؟ قُلْتُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلملِحَاجَةٍ. قَالَتْ: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلْتُ: إِنَّهَا سِرٌّ. قَالَتْ: لاتُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدًا } [رواه مسلم: 4533].
وعن ابْن عَبَّاسٍ قال:كُنْتُ غُلامًا أَسْعَى مَعَ الْغِلْمَانِ
فَالْتَفَتُّفَإِذَا أَنَا بِنَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَلْفِي مُقْبِلاً فَقُلْتُ: مَا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلا إِلَيَّ، قَالَ: فَسَعَيْتُحَتَّى أَخْتَبِئَ وَرَاءَ بَابِ دَار،
قَالَ: فَلَمْ أَشْعُرْ حَتَّىتَنَاوَلَنِي فَأَخَذَ بِقَفَايَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً
( ضربه بكفّه ضربة ملاطفة ومداعبة )
فَقَالَ: اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ.
قَالَ: وَكَانَ كَاتِبَهُ فَسَعَيْتُ فَأَتَيْتُ مُعَاوِيَةَفَقُلْتُ: أَجِبْ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ عَلَى حَاجَةٍ } [رواه الإمام أحمد في مسند بني هاشم].
وهناك وسائل أخرى لتنمية الرجولة لدى الأطفال منها:
(1) تعليمه الجرأة في مواضعهاويدخل في ذلك تدريبه على الخطابة.
(2) الاهتمام بالحشمة في ملابسهوتجنيبه الميوعة في الأزياء وقصّات الشّعر والحركات والمشي، وتجنيبه لبس الحريرالذي هو من طبائع النساء.
(3) إبعاده عن التّرف وحياة الدّعة والكسل والرّاحةوالبطالة،وقد قال عمر: اخشوشنوا فإنّ النِّعَم لا تدوم.
(4) تجنيبه مجالس اللهو والباطل والغناء والموسيقى؛ فإنها منافيةللرّجولة ومناقضة لصفة الجِدّ.
منقول للفائدة